طريقة حفظ القران الكريم عند الشناقطة :الإهداء
طريقة حفظ القران الكريم عند الشناقطة

المبحث الثاني : الأدلة من الكتاب والسنة وعمل سلف الأمة على الترغيب في حفظ القرآن الكريم

المبحث الثاني : بعض الأدلة من الكتاب ، والسنة ، وعمل سلف الأمة على الترغيب في حفظ القرآن الكريم.

المطلب الأول : بعض الأدلة من كتاب الله تعالى على الترغيب في حفظه وتلاوته.

إن أهمية حفظ القرآن الكريم لا تخفى على مسلم ، فهو المعجزة الخالدة للنبي صلى الله عليه وسلم ، وهو الذي لا تنقضي عجائبه ، ولا يمل مع كثرة التكرار  ، فيه خبر ما كان وما سيكون ، فيه تنظيم حياة الفرد والمجتمعات ، إن أراد الإنسان الفلاح في الدنيا والآخرة فليعتصم به ، وإن أحب التقدم المادي والمعنوي  فلينهل من معينه ، وليستمسك بهديه …

ومن نعم الله على أفراد هذه الأمة أن خصهم بهذا الكتاب الكريم ، وجعل قلوبهم أناجيل ([1]) يتلون كتابه متى شاؤوا ، وعلى أي حال أرادوا .

قال قتادة ([2]) : ( وكان من قبلكم من الأمم يقرؤون كتابهم نظرا ، فإذا

رفعوه لم يحفظوا منه شيئا ، ولم يعوه ، وإن الله تعالى أعطاكم من الحفظ شيئا لم يعطه أحدا من الأمم قبلكم ، خاصة خصكم الله بها ، وكرامة أكرمكم الله بها ).([3])

ولعظمة هذا لكتاب الكريم فقد امتن الله سبحانه على عباده بإرساله رسولا يتلو عليهم آياته قال تعالى : ( هو الذي بعث في الأميين رسولا منهم يتلوا عليهم آياته ويزكيهم ، ويعلمهم الكتاب والحكمة ، وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين ) ([4])

ورغب تعالى في حفظه في آيات متعددة ، فقال جل من قائل : ( إن الذين يتلون كتاب الله وأقاموا الصلاة وأنفقوا مما رزقناهم سرا وعلانية يرجون تجارة لن تبور ).([5])

قال الإمام الشوكاني ([6]) – رحمه الله تعالى – : ( أي يستمرون عــلى

تلاوته ، ويداومونها ، والكتاب هو القرآن الكريم ، ولا وجه لما قيل : إن المراد به جنس كتب الله ). ([7])

ومن المعلوم أن المداومة على تلاوته تستلزم حفظه ، وتصعب مع عدم الحفظ ، فقد يكون الإنسان في مكان لا يجد فيه مصحفا ، أو هو مشغول عن فتح المصحف والنظر فيه ، كما إذا كان يسوق السيارة ونحو ذلك ، فإذا كان يحفظه عن ظهر قلب ، كان ذلك أدعى لمداومته على تلاوته ، كما هو ظاهر.

وقال ابن الجوزي ([8]) – رحمه الله تعالى – : ( قوله تعالى : “إن الذين يتلون

كتاب الله”  يعني قراء القرآن ؛ فأثنى عليهم بقراءة القرآن ، وكان مطرِّف يقول : هذه آية القراء ). ([9])

وكان حال النبي صلى الله عليه وسلم المداومة على تلاوة القرآن ، كما قال تعالى : ( إنما أمرت أن أعبد رب هذه البلدة الذي حرمها وله كل شيء وأمرت أن أكون من المسلمين وأن أتلو القرآن … ). ([10])

قال الإمام الشوكاني – رحمه الله تعالى – : ( أي أداوم تلاوته ، وأواظب على ذلك ، قيل : وليس المراد من تلاوة القرآن هنا إلا تلاوة الدعوة إلى الإيمان  والأول أولى ) ([11])

وفي القرآن الكريم من الآيات التي تحث على تلاوة القرآن ، وتبين فضلها غير ما ذكرنا كثير ، ولا يتسع المقام لسرده والتوسع فيه…

المطلب الثاني : بعض الأدلة من السنة على الترغيب في حفظ القرآن الكريم :

لقد بين رسول الله صلى الله عليه وسلم فضل حفظ القرآن ، وتعاهده ، والعمل به ، في كثير من الأحاديث النبوية الشريفة ، فعن عثمان بن عفان – رضي الله تعالى عنه – قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (خيركم من تعلم القرآن  وعلمه ).([12])

قال الحافظ ابن حجر ([13]) – رحمه الله تعالى – : ( … والذي يعلم غيره يحصل له النفع المتعدي ، بخلاف من يعمل فقط ؛ بل إن من أشرف العمل تعليم الغير  فمعلم غيره يستلزم أن يكون تعلمه وتعليمه لغيره عملا ، وتحصيل نفع متعد  ولا يقال لو كان المعنى حصول النفع المتعدي لاشترك كل من علم غيره علما ما في ذلك ؛ لأنا نقول : القرآن أشرف العلوم ؛ فيكون من تعلمه وعلمه لغيره أشرف ممن تعلم غير القرآن ، وإن علمه ، ولا شك أن الجامع بين تعلم القرآن وتعليمه ، مكمل لنفسه ولغيره ، جامع بين النفع القاصر والنفع المتعدي ، ولهذا كان أفضل ، وهو من جملة من عنى سبحانه وتعالى بقوله : “ومن أحسن قولا ممن دعا إلى الله وعمل صالحا وقال إنني من المسلمين” ([14])والدعاء إلى الله يقع بأمور شتى ، من جملتها تعليم القرآن ، وهو أشرف الجميع ). ([15])

وعن أبي موسى الأشعري ([16]) – رضي الله تعالى عنه – قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( مثل المؤمن الذي يقرأ القرآن مثل الأترجة ، ريحها طيب ، وطعمها طيب ومثل المؤمن الذي لا يقرأ القرآن مثل التمرة ، لا ريح لها ، وطعمها حلو ومثل المنافق الذي يقرأ القرآن مثل الريحانة ، ريحها طيب وطعمها مر ، ومثل المنافق الذي لا يقرأ القرآن كمثل الحنظلة ، لا ريح لها وطعمها مر ). ([17])

فانظر كيف جعله ميزانا ومعيارا ؛ يرتفع المرء ويسمو بحسب كثرة قراءته له وينتكس ويتقهقر بحسب بعده عن تلاوته ، والعمل به.

وقال وهو الصادق المصدوق صلوات الله وسلامه عليه : ( إن الله يرفع بهذا الكتاب أقواما ، ويضع به آخرين ). ([18])

وقال : ( إن لله أهلين من الناس قالوا : من هم يا رسول الله ؟ قال : أهل

القرآن هم أهل الله وخاصته ). ([19]) ومعنى أهل الله أي أولياؤه وأنصاره([20])

قال القرطبي ([21]) – رحمه الله تعالى – : ( فقرأة القرآن حملة سر الله المكنون

، وحفظة علمه المخزون ، وخلفاء أنبيائه وأمناؤه ، وهم أهله وخاصته ، وخيرته وأصفياؤه ). ([22])

وعن أبي أمامة الباهلي ([23]) – رضي الله تعالى عنه – قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( اقرؤوا القرآن ، فإنه يأتي يوم القيامة شفيعا لأصحابه ، اقرؤوا الزهراوين ([24]) البقرة ، وسورة آل عمران ؛ فإنهما تأتيان يوم القيامة كأنهما غمامتان ، أو كأنهما غيايتان ([25]) أوكأنهما فرقان من طير صواف ، تحاجان عن أصحابهما ، اقرؤوا سورة البقرة ؛ فإن أخذها بركة ، وتركها حسرة ، ولا تستطيعها البطلة([26]) ).([27])

وعن عائشة ([28]) – رضي الله تعالى عنها – قالت : قال رسول الله صلى الله

عليه وسلم : ( الماهر بالقرآن مع السفرة الكرام البررة ، والذي يقرأ القرآن ، ويتتعتع فيه ، وهو عليه شاق : له أجران ). ([29])

قال النووي ([30]) – رحمه الله تعالى – : ( … والماهر : الحاذق الكامل الحفظ

 

الذي لا يتوقف ، ولا تشق عليه القراءة ؛ بجودة حفظه ، وإتقانه ، قال القاضي : يحتمل أن يكون معنى كونه مع الملائكة أن له في الآخرة منازل يكون فيها رفيقا للملائكة السفرة ؛ لاتصافه بصفتهم من حمل كتاب الله تعالى ، قال : ويحتمل أن يراد أنه عامل بعملهم  ، وسالك مسلكهم ، وأما الذي يتتعتع فيه ؛ فهو : الذي يتردد في تلاوته ؛ لضعف حفظه ؛ فله أجران ، أجر بالقراءة ، وأجر بتتعتعه في تلاوته ومشقته ، قال القاضي ، وغيره من العلماء : وليس معناه الذي يتتعتع عليه له من الأجر أكثر من الماهر به ؛ بل الماهر أفضل ، وأكثر أجرا ؛ لأنه مع السفرة ، وله أجور كثيرة ، ولم يذكر هذه المنزلة لغيره ، وكيف يلحق به من لم يعتن بكتاب الله تعالى ، وحفظه ، وإتقانه ، وكثرة تلاوته ، وروايته كاعتنائه ؛ حتى مهر فيه.والله أعلم ).([31])

وقال القرطبي – رحمه الله تعالى – : ( التتعتع : التردد في الكلام عِيَّا وصعوبة ، وإنما كان له أجران من حيث التلاوة ، ومن حيث المشقة ، ودرجات الماهر فوق ذلك كله ؛ لأنه قد كان القرآن متعتعا عليه ، ثم ترقى عن ذلك إلى أن شبه بالملائكة ). ([32])

 

وعن عبد الله بن مسعود ([33]) – رضي الله تعالى عنه – قال : قال رسول

الله صلى الله عليه وسلم : ( من قرأ حرفا من كتاب الله فله به حسنة ، والحسنة بعشر أمثالها ، لا أقول الم حرف ، ولكن ألف حرف ، ولام حرف وميم حرف ).([34])

وعن أبي هريرة ([35]) – رضي الله تعالى عنه – قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( من نفس عن مسلم كربة من كرب الدنيا نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة ، ومن يسر على معسر يسر الله عليه في الدنيا والآخرة ، ومن ستر مسلما ستره الله في الدنيا والآخرة ، والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه ، ومن سلك طريقا يلتمس فيه علما ؛ سهل الله له طريقا إلى الجنة ، وما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله ، يتلون كتاب الله ، ويتدارسونه بينهم ، إلا نزلت عليهم السكينة ، وغشيتهم الرحمة ، وحفتهم الملائكة ، وذكرهم الله فيمن عنده ، ومن أبطأ به عمله لم يسرع به نسبه ). ([36])

وتكثر الأحاديث في هذا المعنى ، ويصعب حصرها ، والإحاطة بها ، وفيما ذكرنا كفاية في الترغيب في تلاوة القرآن الكريم وحفظه ، وتدبر معانيه ، والانشغال به عن كل شاغل …

فنسأل الله العلي القدير أن يشغلنا به لا عنه ، ويرزقنا حفظه ، وتلاوته ، والعمل به إنه سميع مجيب الدعوات .

المطلب الثالث : اهتمام السلف الصالح بحفظ كتاب الله تعالى

لقد اهتم السلف الصالح بتربية أبناء المسلمين تربية سليمة ، هدفها نشر العلم في صفوفهم ، وتزكية نفوسهم بهدي القرآن الكريم ، والسنة النبوية الشريفة فكان من ضروريات ذلك وأولوياته ، غرس القرآن الكريم في عقول الأطفال منذ بداية حياتهم ، والاهتمام بحفظهم له ، وتعليمهم معانيه ، وتعويدهم على تدبره ([37]) والاتعاظ بمواعظه ، والعمل بأوامره ، والانتهاء عن نواهيه.

وهكذا كان ديدن السلف الصالح ؛ فقد حرص الصحابة – رضوان الله تعالى عليهم – على حفظ القرآن الكريم ؛ فكلما نزلت آية ، أو آيات ، أو سور بادروا إلى حفظ ما نزل ، حتى جمع بعضهم القرآن الكريم كاملا في صدره موازنا بين الحفظ ، والعمل بما حفظ ..

ومن الذين حفظوا القرآن على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم الأربعة الذين ذكرهم أنس بن مالك – رضي الله تعالى عنه وأرضاه – ..

فعن قتادة – رحمه الله تعالى – عن أنس – رضي الله تعالى عنه – قال : جمع القرآن على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم أربعة ؛ كلهم من الأنصار : أبي بن كعب ، ومعاذ بن جبل ، وزيد بن ثابت ، وأبو زيد ، قلت : من أبو زيد ؟ قال : أحد عمومتي. ([38])

ولا شك أن الذين حفظوا القرآن من الصحابة على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم أكثر بكثير من الأربعة المذكورين في حديث أنس .

قال النووي – رحمه الله تعالى – :  ( قال المازري : هذا الحديث مما تعلق به بعض الملاحدة في تواتر القرآن ، وجوابه من وجهين ، أحدهما : أنه ليس فيه تصريح بأن غير الأربعة لم يجمعه ؛ فقد يكون مراده الذين علمهم من الأنصار أربعة ، وأما غيرهم من المهاجرين والأنصار الذين لا يعلمهم فلم ينفهم ، ولو نفاهم كان المراد نفي علمه ، ومع هذا فقد روى غير مسلم حفظ جماعات من الصحابة في عهد النبي صلى الله عليه وسلم ، وذكر منهم المازري خمسة عشر صحابيا ، وثبت في الصحيح أنه قتل يوم اليمامة سبعون ممن جمع القرآن ، وكانت اليمامة قريبا من وفاة النبي صلى الله عليه وسلم ؛ فهؤلاء الذين قتلوا من جامعيه يومئذ ؛ فكيف الظن بمن لم يقتل ممن حضرها ، ومن لم يحضرها وبقي بالمدينة ، أو بمكة ، أو غيرهما ، ولم يذكر في هؤلاء الأربعة أبو بكر ، وعمر ، وعثمان ، وعلي ، ونحوهم من كبار الصحابة الذين يبعد كل البعد أنهم لم يجمعوه ؛ مع كثرة رغبتهم في الخير ، وحرصهم على ما دون ذلك من الطاعات ، وكيف نظن هذا بهم ، ونحن نرى أهل عصرنا حفظه منهم في كل بلدة ألوف؟ مع بعد رغبتهم في الخير عن درجة الصحابة ، مع أن الصحابة لم يكن لهم أحكام مقررة يعتمدونها في سفرهم وحضرهم إلا القرآن ، وما سمعوه من النبي صلى الله عليه وسلم ؛ فكيف نظن بهم إهماله ؟ فكل هذا وشبهه يدل على أنه لا يصح أن يكون معنى الحديث أنه لم يكن في نفس الأمر أحد يجمع القرآن إلا الأربعة المذكورون ، والجواب الثاني : أنه لو ثبت أنه لم يجمعه إلا الأربعة لم يقدح في تواتره ؛ فإن أجزاءه حفظ كل جزء منها خلائق لا يحصون ؛ يحصل التواتر ببعضهم ، وليس من شرط التواتر أن ينقل جميعهم جميعه ؛ بل إذا نقل كل جزء عدد التواتر صارت الجملة متواترة بلا شك ، ولم يخالف في هذا مسلم ولا ملحد). ([39])

ثم أقرأ الصحابة التابعين ؛ فكانوا أهل حرص على حفظ كتاب الله تعالى ، وتدبر معانيه ، وسؤال الراسخين في العلم عما أشكل عليهم من ذلك..

فحفظه من التابعين خلق كثير ، منهم علقمة بن قيس ، وأبو تميم الجيشاني ، وأبو الأسود الدؤلي ، وسليم بن عتر ، والحارث الأعور ، وثابت البناني ، وخلائق لا يحصون . ([40])

ثم توالى حفظ القرآن الكريم ، والاعتناء به ، تدقيقا في قراءته ، وتفسيرا لمعانيه ، وبيانا لمشكله ، وتوضيحا لبقية علومه إلى اليوم ، والحمد لله تعالى على ذلك

([1]) الإنجيل اسم كتاب الله تعالى الذي أنزله على عيسى بن مريم ، وجمعه أناجيل ، قيل إنه اسم عربي ، وقيل هو عبراني ، وقيل سيرياني ، وعلى القول الأول ، قيل مشتق من “النجل” وهو الأصل ، يقال : هو كريم النَّـجْل أَي الأَصل والطَّبْع ، أو من نجلت الشيء أي أظهرته ، أو من نجله إذا استخرجه . انظر : “تاج العروس” ج 8 ص 128 و “لسان العرب” ج 11 ص 648 و “النهاية” ج 5 ص 22

([2]) هو : قتادة بن دعامة بن قتادة بن عزيز السدوسي ، حافظ العصر ، قدوة المفسرين ، والمحدثين ، أبو الخطاب السدوسي البصري الضرير الأكمه ، وسدوس هو ابن شيبان بن ذهل بن ثعلبة من بكر بن وائل ، ولد سنة ستين ، وروى عن عبد الله بن سرجس ، وأنس بن مالك ، وأبي الطفيل الكناني ، وسعيد بن المسيب ، وغيرهم ، وروى عنه أئمة الإسلام : أيوب السختياني ، وابن أبي عروبة ، ومعمر بن راشد ، والأوزاعي ، قال الذهبي : ( وهو حجة بالإجماع إذا بين السماع ؛ فإنه مدلس معروف بذلك ، وكان  يرى القدر نسأل الله العفو ، ومع هذا فما توقف أحد في صدقه ، وعدالته ، وحفظه ، ولعل الله يعذر أمثاله ممن تلبس ببدعة يريد بها تعظيم الباري ، وتنزيهه ، وبذل وسعه ، والله حكم عدل لطيف بعباده ، ولا يسأل عما يفعل ، ثم إن الكبير من أئمة العلم إذا كثر صوابه ، وعلم تحريه للحق ، واتسع علمه ، وظهر ذكاؤه ، وعرف صلاحه ، وورعه ، واتباعه ، نغفر له زلاته ، ولا نضلله ، ونطرحه ، وننسى محاسنه ، نعم ، ولا نقتدي به في بدعته ، وخطئه ، ونرجوا له التوبة من ذلك ) قلت : ومما يدل  على ورعه ، وخوفه من الله ، ما روي عن أبي هلال ، قال : سألت قتادة عن مسألة ؛ فقال : لا أدري ؛ فقلت : قل فيها برأيك ، قال : ما قلت برأيي منذ أربعين سنة ، وكان يومئذ له نحو من خمسين سنة . قال الذهبي : فدل على أنه ما قال في العلم شيئا برأيه ، توفي – رحمه الله تعالى – سنة ثماني عشرة ومائة.

انظر ترجمته في : “سير أعلام النبلاء” ج5 ص269 و “طبقات الحنفية” ج1 ص548

([3]) انظر : “متشابه القرآن العظيم” ص21 – 22

([4]) الجمعة الآية 2

([5]) فاطر الآية 29

([6]) هو : محمد بن علي بن محمد الشوكاني الإمام العلامة الرباني، بحر العلوم وشمس الفهوم ، ولد سنة 1173 هــ وأخذ عن أغلب علماء زمانه مختلف العلوم ، وبرع في جلها ، صنف كثيرا من التصانيف المفيدة من أهمها : “نيل الأوطار شرح منتقى الأخبار” و “فتح القدير” في التفسير ، وغيرهما ، ومن آخر ما ألف كتابه : “السيل الجرار المتدفق على حدائق الأزهار” توفي في جمادى الآخرة سنة 1250 هـ رحمه الله تعالى . انظر ترجمته في : “أبجد العلوم” ج3 ص201

([7]) انظر : “فتح القدير” ج 4 ص 348

([8]) هو : العلامة الحافظ المفسر شيخ الإسلام أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد بن علي البغدادي الحنبلي الواعظ ، صاحب التصانيف ، يرجع نسبه إلى أبي بكر الصديق – رضي الله تعالى عنه وأرضاه – ولد سنة تسع أو عشر وخمسمائة ، سمع من ابن الحصين ، والحسين بن محمد البارع ، وعلي بن عبد الواحد الدينوري ، وطائفة ، مجموعهم يزيد على الثمانين شيخا ، حدث عنه ولده العلامة محيي الدين يوسف ، وولده الكبير علي الناسخ ، والحافظ عبد الغني ، والشيخ موفق الدين ابن قدامة ، وخلق ، وصنف في التفسير “المغني” ثم اختصره في أربع مجلدات وسماه “زاد المسير” ، وله “تذكرة الأريب” في اللغة ، و”فنون الأفنان” ، ويصل مجموع تصانيفه نحو مائتين وخمسين كتابا .مرض خمسة أيام ، وتوفي ليلة الجمعة بين العشاءين الثالث عشر من رمضان سنة سبع وتسعين وخمسمائة.

انظر ترجمته في : “سير أعلام النبلاء” ج21 ص365

([9]) انظر : “زاد المسير” ج 6 ص 486

([10]) النمل الآية 91 – 92

([11]) انظر : “فتح القدير” ج 4 ص 156

([12]) رواه “البخاري” في صحيحه باب : خيركم من تعلم القرآن وعلمه حديث رقم 4739 ج 4 ص 1919

([13]) هو: أحمد بن على بن محمد ، المعروف بابن حجر نسبة إلى بعض أجداده ، الكناني العسقلاني ، ثم المصري ، أبو الفضل شهاب الدين الشافعي المذهب ، ولد سنة 773 هـ واشتهر بالتصانيف الكثيرة المفيدة ومن أشهرها : ( فتح الباري شرح صحيح البخاري ) و ( تهذيب التهذيب ) و( الإصابة في تمييز الصحابة) وغيرها توفي سنة 852هـ .

انظر ترجمته في : “حسن المحاضرة” ج 1 ص 311  و “هدية العارفين” ج 1 ص 128

([14]) فصلت الآية 33

([15]) انظر : “فتح الباري” ج 9 ص 76

([16]) هو : عبد الله بن قيس بن سليم بن حضار أبو موسى الأشعري ، قدم المدينة بعد فتح خيبر ، واستعمله النبي صلى الله عليه وسلم على بعض اليمن ، كان أحد الحكمين بصفين ، ثم اعتزل الفريقين ، روى عن النبي صلى الله عليه وسلم ، والخلفاء الأربعة ، ومعاذ ، وغيرهم ، وعنه أولاده : موسى ، وإبراهيم ، وأبو بردة ، وأبو بكر ، وامرأته أم عبد الله ، ومن الصحابة : أبو سعيد ، وأنس ، وطارق ، وقال له النبي صلى الله عليه وسلم : لقد أوتيت مزمارا من مزامير آل داود ، عاش ثلاثا وستين سنة ، ومات – رضي الله عنه وأرضاه – في سنة خمسين. انظر ترجمته في : “الإصابة في تمييز الصحابة” ج4 ص211  و “الطبقات الكبرى” ج4 ص105 و “سير أعلام النبلاء” ج2 ص380

([17]) رواه “البخاري” في صحيحه ، باب ذكر الطعام ، حديث رقم 5111 ج 5 ص 2070 و “مسلم” في صحيحه باب فضيلة حافظ القرآن حديث رقم 797 ج 1 ص 549

([18]) رواه “مسلم” في صحيحه ، باب فضل من يقوم بالقرآن ويعلمه ، حديث رقم 817 ج 1 ص 559

([19]) رواه “الحاكم” في مستدركه ، باب أخبار في فضائل القرآن جملة ، حديث رقم 2046 ج1 ص 743 وقال : ( وقد روي هذا الحديث من ثلاثة أوجه عن أنس ، هذا أمثلها ).

([20]) انظر : “كيف تحفظ القرآن” ص 13 محمد بن علي العرفج.

([21])  محمد بن أحمد بن أبي بكر بن فرح ، الشيخ الإمام أبو عبد الله الأنصاري الأندلسي القرطبي ، صاحب التفسير ، كان من عباد الله الصالحين ، والعلماء العارفين الورعين الزاهدين ، حدث عن أبي علي الحسن بن محمد ، ومحمد البكري ، وغيرهما ، صنف كتبا كثيرة مفيدة من أهمها : تفسيره المشهور بتفسير القرطبي وكتاب الأسنى في أسماء الله الحسنى ، وكتاب التذكرة ، وكان مستقرا بمنية بني خصيب ، وتوفي بها ، ودفن في شوال من سنة إحدى وسبعين وستمائة .

انظر ترجمته في : “الوافي بالوفيات” ج2 ص87  و”الديباج المذهب” ج1 ص317

([22]) انظر : “تفسير القرطبي” ج 1 ص 1

([23]) هو : صُدَى – بالتصغير – بن عجلان بن الحارث بن عريب بن وهب بن رياح بن الحارث بن معن بن مالك بن أعصر الباهلي أبو أمامة ، مشهور بكنيته ، روى عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وعن عمر وعثمان ، وعلي ، وروى عنه : أبو سلام الأسود ، ومحمد بن زياد ، وشرحبيل بن مسلم . مات سنة ست وثمانين ، وله مائة وست سنين ؛ فقد صح عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم مات حينما كان عمره ثلاثا وثلاثين سنة .

انظر ترجمته في : “الإصابة في تمييز الصحابة” ج3 ص420 و “الوافي بالوفيات” ج16 ص177

([24]) قال القرطبي : ( للعلماء في تسمية البقرة وآل عمران بالزهراوين ثلاثة أقوال ، الأول : أنهما النيرتان مأخوذ من الزهر والزهرة ؛ فإما لهدايتهما قارئهما بما يزهر له من أنوارهما أي : من معانيهما ، وإما لما يترتب على قراءتهما من النور التام يوم القيامة ، وهو القول الثاني ، الثالث : سميتا بذلك لأنهما اشتركتا فيما تضمنه اسم الله الأعظم ، كما ذكره أبو داود ، وغيره ، عن أسماء بنت يزيد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( إن اسم الله الأعظم في هاتين الآيتين : “وإلهكم إله واحد لا إله إلا هو الرحمن الرحيم” ، والتي في آل عمران : “الله لا إله إلا هو الحي القيوم” ) انظر : “تفسير القرطبي” ج4 ص3

([25]) الغمام السحاب الملتف ، وهو الغياية إذا كانت قريبا من الرأس ، وهي الظلة أيضا ، والمعنى أن قارئهما في ظل ثوابهما . انظر : “تفسير القرطبي” ج4 ص3

([26]) المقصود بالبطلة : السحرة .

([27]) رواه “مسلم” في صحيحه ، باب فضل قراءة القرآن وسورة البقرة ، حديث رقم 804 ج 1 ص 553

([28]) هي : عائشة بنت أبي بكر الصديق عبد الله بن عثمان رضي الله عنهم ، وأمها : أم رومان بنت عامر الكنانية ، ولدت بعد المبعث بأربع سنين أو خمس ، تكنى أم عبد الله ، قالت عائشة : فضلت بعشر فذكرت مجيء جبريل بصورتها ، قالت : ولم ينكح بكرا غيري ، ولا امرأة أبواها مهاجران غيري ، وأنزل الله براءتي من السماء ، وكان ينزل عليه الوحي وهو معي ، وكنت أغتسل أنا وهو من إناء واحد ، وكان يصلي وأنا معترضة بين يديه ، وقبض بين سحري ونحري ، في بيتي ، وفي ليلتي ، ودفن في بيتي ، روت عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم الكثير من الأحاديث ، وروت أيضا عن أبيها ، وعن عمر ، وفاطمة رضي الله عن الجميع ، وروى عنها عدد من الصحابة منهم : عمر ، وابنه عبد الله ، وأبو هريرة ، رضي الله عنهم ، ماتت سنة ثمان وخمسين في ليلة الثلاثاء لسبع عشرة خلت من رمضان ، وقيل سنة سبع ، ودفنت بالبقيع رضي الله عنها وأرضاها . انظر ترجمتها في : “الإصابة في تمييز الصحابة” ج8 ص16  و”الوافي بالوفيات” ج1 ص77

([29]) رواه “مسلم” في صحيحه ، باب فضل الماهر بالقرآن والذي يتتعتع فيه ، حديث رقم 798 ج 1 ص 549

([30]) هو : الإمام الفقيه الحافظ الأوحد القدوة شيخ الإسلام ، علم الأولياء ، محيى الدين ، أبو زكريا يحيى بن شرف بن مري الحزامي الحوراني الشافعي ، ولد في المحرم سنة إحدى وثلاثين وستمائة ، وقدم دمشق سنة تسع وأربعين ، وحج مرتين ، وسمع من الرضي ابن البرهان ، والنعمان بن أبي اليسر ، وغيرهما ، وصنف التصانيف النافعة في الحديث ، والفقه ، وغيرهما ، ومن كتبه النافعة القيمة : شرح مسلم ، والروضة ، وشرح المهذب ، والأذكار ، وغيرها ، ولم يتزوج ، وولي مشيخة دار الحديث الأشرفية بعد أبي شامة ؛ فلم يتناول منها درهما . مات – رحمه الله تعالى – في رابع عشر رجب سنة ست وسبعين وستمائة.

انظر ترجمته في : “طبقات الحفاظ” ج1 ص513  و “المعين في طبقات المحدثين” ج1 ص215

([31]) انظر : “شرح النووي على صحيح مسلم” ج 6 ص 84

([32]) انظر : “تفسير القرطبي” ج 1 ص 7

([33]) هو : عبد الله بن مسعود بن غافل بن حبيب بن فار بن شمخ بن مخزوم بن صاهلة بن كاهل بن الحارث بن تميم بن سعد بن هذيل بن مدركة ، يكنى أبا عبد الرحمن ، مهاجر هجرتين ، بدري ، وهو من النقباء النجباء ، حدث عن النبي  صلى الله عليه وسلم  بالكثير ، وعن عمر وسعد بن معاذ ، وروى عنه ابناه : عبد الرحمن ، وأبو عبيدة ، وابن أخيه : عبد الله بن عتبة ، وغيرهم . توفي بالمدينة سنة اثنتين وثلاثين ، وصلى عليه عثمان بن عفان رضي الله عنه ، ودفن بالبقيع ، وهو ابن بضع وستين سنة.

انظر ترجمته في : “الإصابة في تمييز الصحابة” ج4 ص233 و”الآحاد والمثاني” ج1 ص186

([34]) رواه “الترمذي” في سننه ، باب ما جاء فيمن قرأ حرفا من القرآن ما له من الأجر ، حديث رقم  2910 ج 5 ص 175 وقال : ( ويروى هذا الحديث من غير هذا الوجه عن ابن مسعود ، ورواه : أبو الأحوص عن ابن مسعود ، رفعه بعضهم ، ووقفه بعضهم على ابن مسعود ، قال أبو عيسى : هذا حديث حسن صحيح غريب من هذا الوجه ).

قلت : الذي يظهر أنه لا يضر في مثل هذا الوقف ؛ لأن مثله لا يقال بالرأي ، فله حكم الرفع كما هو معروف . والله أعلم.

([35])  هو : الإمام الفقيه المجتهد الحافظ صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم أبو هريرة عبد الرحمن بن صخر الدوسي ، سيد الحفاظ الأثبات ، حمل عن النبي صلى الله عليه وسلم علما كثيرا طيبا مباركا فيه ؛لم يلحق في كثرته ، صحب أربع سنين ، حدث عنه خلق كثير  ، قال أبو صالح : كان أبو هريرة أحفظ أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم ، توفي – رضي الله عنه وأرضاه – سنة 57 هـ وقيل سنة 60 هـ. انظر ترجمته في : “الإصابة في تمييز الصحابة” ج7 ص425 و “سير أعلام النبلاء” ج2 ص578

([36]) رواه “مسلم” في صحيحه ، باب فضل الاجتماع على تلاوة القرآن وعلى الذكر ، حديث رقم 2699 ج 4 ص 2074

([37]) تدبر القرآن ، وتفهم معانيه ، يختلف عن القول في القرآن بالرأي ، كما قد يتبادر لأذهان البعض ؛ فنحن مطالبون بتدبر معانيه ، ومحاولة فهمها ، وسؤال أهل العلم عنها ، أما القول في القرآن بالرأي فهو مما نهينا عنه ، وفيه من الخطر على الدين ما فيه ، أقصد الرأي المذموم ، وهو الناشئ عن هوى ، أو جهل.

([38]) رواه “البخاري” في صحيحه ، باب مناقب زيد بن ثابت – رضي الله عنه – ، حديث رقم 3599 ج 3 ص 1386 و”مسلم” في صحيحه ، باب من فضائل أبي بن كعب وجماعة من الأنصار – رضي الله تعالى عنهم – ، حديث رقم 2465 ج 4 ص 1914

([39]) انظر : “شرح النووي على صحيح مسلم” ج16 ص 19 – 20 وراجع : فتح الباري” ج9 ص52 فقد ذكر فيه ابن حجر إجابة أبي بكر الباقلاني ، وغيره من العلماء عن هذا الحديث من ثمانية وجوه .

([40]) انظر : تراجم هؤلاء في سير أعلام النبلاء.

شاهد أيضاً

طريقة حفظ القران الكريم عند الشناقطة :الإهداء

المبحث الأول : تعريفات مهمة

المبحث الأول : تعريفات مهمة : المبحث الأول : تعريفات مهمة المطلب الأول : تعريف الحفظ : الحفظ : ضبط الصور المدركة ، وقيل هو تأكد المعقول واستحكامه في العق

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *